الدولة الرومانية الجديدة ألغت هذا الحكم الذاتي الضيق لليهود الذي أعطاهم إياه قورش

في سنة 37 ق.م اعتنق اليهودية أحد زعماء الرومان وكان اسمه هيرودس وقد كان هذا الزعيم ظالما وفاسدا وشديد البطش بسكان فلسطين بما فيهم اليهود مع أنه تهود (أي أصبح يهوديا) إلا أنه كان مكروها من الجميع حتى من اليهود أنفسهم وكان فاسداً شديد الفساد ولكن من ضمن الأعمال المشهورة في التاريخ أنه جدد الهيكل أو المسجد الأقصى وكبر حجمه وزاد فيه بعض الأعمدة والى ما هو كذلك من إعدادات وتجهيزات وقد اشتهر الهيكل باسمه وهذا الرجل هيرودس عاصره يحيى عليه السلام وعاصره كذلك زكريا عليه السلام وعاصرته السيدة مريم عليها السلام.

طبعا هيرودس – كما قلنا- كان ظالما شديد الظلم في أواخر حياته، حيث سمح بزواج المحارم في الدين اليهودي فاعترض على ذلك يحيى عليه السلام فقام هيرودس بقتله وكذلك زكريا عليه السلام فقام بنشره كما تقول الروايات اليهودية.

ولدت سيدتنا مريم عليها السلام عيسى وهربت من بطش هيرودس ثم عادت إلى فلسطين مع ابنها وسكنت الناصرة. لذلك يعرف عيسى عليه السلام بعيسى الناصري ويسوع الناصري في الروايات النصرانية ويعرف أصحابه بالنصارى وأغلب الظن أن النصارى سموا بذلك نسبة إلى الناصرة التي نشأ وعاش وترعرع فيها عيسى عليه السلام، وساح عيسى عليه السلام في قرى ومدن فلسطين يدعو إلى الله وطاعته هو وابن خالته يحيى عليه السلام. لذا سمي عيسى عليه السلام باسم المسيح.

الحاكم الروماني كان اسمه بلاطس ونتيجة لهذه الثورة وكثرة عدد اليهود نسبيا إلى عدد النصارى فمن آمن بسيدنا عيسى في حياته كان عددا قليلا جدا فاضطر الحاكم أن يقوم بمحاولة قتل عيسى عليه السلام فجهز الأمر وجهز ما يصلب عليه عيسى عليه السلام ولكن الله تعالى أدرك عيسى عليه السلام برحمته فرفعه وألقى شبهه على أحد أتباعه أو حواريه وبالتالي نجا عيسى عليه السلام من هذه المحاولة ، هذه عقيدتنا {وَقَولِهِم إِنَا قَتَلنَا المَسِيحَ عِيسَى ابنَ مَريَمَ رَسُولَ اللَهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِهَ لَهُم وَإِنَ الَذِينَ اختَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍ مِنهُ مَا لَهُم بِهِ مِن عِلمٍ إِلَا اتِبَاعَ الظَنِ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} (سورة النساء:157)، فقد قتلوا هذا الشبيه ولم يقتلوا عيسى عليه السلام والشاهد من الرواية أن بعض أصحاب عيسى عليه السلام كانوا يعلمون أن عيسى عليه السلام رفع ولم يقتل أو يصلب.

جاء القائد الروماني المشهور تيتوس سنة 70 م وحاصر القدس وقام بضرب اليهود بضربة تعد من أكبر الضربات التي وجهت إلى اليهود في التاريخ ولعلها أكبر هزيمة مذلة في التاريخ حيث حاصر المدينة وأمر بأن يقتل اليهود بعضهم بعضا.  وقام تيتوس بتدمير الهيكل – كما تقول الرواية اليهودية – حتى لم يبق فيه حجر على حجر، معظم اليهود بيعوا كعبيد، ومنهم من بقي في أرض فلسطين ولكنه كان عبدا أيضا ومنهم من نقل إلى أوروبا ومنهم من ألقي إلى الوحوش يتصارع مع الوحوش أمام الزعماء الرومان ليتسلوا بهذه المشاهد فكان هناك وحشية بربرية شنيعة عند الدولة الرومانية وكان هذا على طول عهدها.

وبعد المجزرة ب60 عام دخل أحد القادة الرومان وأحس بمؤامرة من قبل اليهود أو ببوادر الثورة منهم فقام بارتكاب مجزرة بحقهم وكانت ضخمة جداً وأزال بهذه المجزرة (أورشليم) أي القدس وأنشأ مدينة على أنقاضها كان اسمها على نسق اسمه الأول وكان اسمه (إيليا هدريان) فقد سميت بعد ذلك ب (إيلياء) وكان هذا الاسم المعروف أيام الفتح الإسلامي وقد كتب في العهدة العمرية.

هدريان قضى على الوجود اليهودي تماما فلم يستطع يهودي واحد بعد هذه الحادثة أن يبق في فلسطين فمنهم من هاجر إلى مصر ومنهم من هاجر إلى الشمال في تركيا ومنهم من هاجر إلى الشرق في روسيا فتفرق اليهود تماما بعد هذه المجزرة وانتهى بذلك الوجود اليهودي في فلسطين ولسنوات طويلة جداً ما استطاعوا أن يعيشوا في أرض فلسطين إلى غاية هذا الزمن.